متابعة: آيات مصطفى
في عالم الأدب، تتجلى بعض الأعمال كنجوم ساطعة في سماء الفكر والوجدان، وكتاب "جبر الخواطر" للكاتبة والباحثة الفلسطينية وفاء شاهر داري هو أحد هذه النجوم التي أضاءت دروب القراء.
فبعض الكتب لا تُقرأ فقط، بل تُحسّ، تُعاش، وتترك أثرًا عميقًا في الروح كنسمة دافئة في صباح بارد، أو كيدٍ تمتد لتربّت على كتف مثقل بالهموم.
فكتاب جبر الخواطر للكاتبة والباحثة وفاء شاهر داري ليس مجرد كتاب، بل رحلة إلى عمق الإنسانية، حيث يصبح للكلمات قدرة على التضميد، وللحنوّ صوت يُسمع بين السطور.
في هذا العمل الأدبي، لا تكتب المؤلفة بحبر القلم، بل بحبر المشاعر والتجارب، مستلهمة من الحياة تفاصيلها الصغيرة التي غالبًا ما نهملها، رغم أنها تصنع الفرق الأكبر. هو كتاب يذكّرنا بأن جبر القلوب ليس ضعفًا، بل هو أرقى درجات القوة، وأن للطيبة لغة عالمية يفهمها كل البشر، مهما اختلفت لغاتهم ولهجاتهم.
وقد صدر هذا العمل الأدبي عن دار الولاء للنشر والتوزيع، وشارك في معرض ساقية الصاوي لعام 2024 في مصر، كما شارك في المعرض الدولي للكتاب في القاهرة لعام 2025.
وبالإضافة إلى ذلك تم طباعة الكتاب طبعة ثانية عن طريق دار النشر ابن رشيق في الأردن وشارك في معرض عمان الدولي للكتاب أيضًا.
ويتألف الكتاب من 100 صفحة من القطع المتوسط، ويحتوي على مجموعة من النصوص الأدبية والنثرية التي تنسجها الكاتبة بأسلوب رشيق ومفردات سلسة.
وتتناول هذه النصوص حالات وأحداث من صميم المجتمع والحياة اليومية، حيث تمزج بين الخيال والواقع، لتقدم للقارئ رؤية فنية مغايرة وممتعة. من خلال هذه الصفحات، ترسم وفاء شاهر داري عوالمها الخاصة وعوالم الآخرين بلمسات جمالية، تعكس عمق التجربة الإنسانية وتنوعها.
ويُعتبر "جبر الخواطر" الإصدار الثالث للكاتبة، بعد "صورة البطل في قصص أطفال فلسطين" و"العنقاء تروي قصصًا وعبرًا". وقد شاركت هذه الأعمال في معارض كتاب دولية عدة، منها فلسطين، الشارقة، القاهرة، العراق، ومسقط خلال عامي 2023 و2024 ومعرض الكويت والعراق وليبيا للكتاب.
وقد صدر للكاتبة إصدارات أخرى حديثة من كتاب العقد الثمين من الحكمة والوعظ المبين، وإطلالات ، وسيبقى الاثر ، ولها عدة مقالات أدبية ودراسات بحثية نشرت العديد منها في مجلات محكمة دوليًا.
وهذا الانتشار الواسع يعكس التقدير الكبير الذي حظيت به أعمال الكاتبة في الأوساط الأدبية والثقافية.
ومن خلال "جبر الخواطر"، تسعى وفاء شاهر داري إلى تقديم رسالة إنسانية عميقة، تدعو فيها إلى التفكر والتأمل في تفاصيل الحياة اليومية، والتفاعل مع الآخرين بروح من التعاطف والتفهم.
كما يتميز أسلوبها بالبساطة والشفافية، مع ترك مساحة للقارئ للتأويل والتفكير، مما يجعل كل نص تجربة فريدة تحمل في طياتها معاني متعددة.
في هذا الكتاب، نجد أنفسنا أمام لوحة فسيفسائية من المشاعر والأفكار، حيث يتلاقى الحلم بالواقع، والأمل بالألم، لتشكل معًا نسيجًا أدبيًا غنيًا يستحق التأمل والاستمتاع.
في نهاية الرحلة بين سطور جبر الخواطر، نجد أنفسنا أمام مرآة تعكس جوهر الإنسانية، حيث يصبح للكلمة وقع السحر، وللحنوّ قدرة على تضميد الجراح التي لا تُرى.
وفاء شاهر داري لم تكتب مجرد نصوص، بل سكبت روحها بين الحروف، فصار الكتاب نهرًا من الدفء، يعبره القارئ ليصل إلى ضفة من الصفاء والتأمل.
ليس كل كتاب يُقرأ، فبعض الكتب تُحسّ، وجبر الخواطر من تلك الكتب التي تترك أثرًا لا يُمحى، تمامًا كلمسة حانية على قلب موجوع، وكضوء خافت يبدد وحشة المسير.
إنه دعوة مفتوحة لنكون أكثر لطفًا، أن نجبر القلوب قبل أن تنكسر، وأن نكون بصمة خير في حياة من حولنا.