متابعة: آيات مصطفى
في قلب المدينة الأثرية جرش، وبين الأعمدة الرومانية الشاهقة التي تختزن ذاكرة الحضارات، تتجدد الحكاية كل عام، ويعلو صوت الفن والثقافة في مهرجان جرش للثقافة والفنون.
ومن هناك، كان هذا الحوار الخاص مع أيمن سماوي، المدير التنفيذي للمهرجان، الذي حمل شعار:
"تعالوا نُكمل الحكاية"، ليحدثنا عن خصوصية هذا الحدث الثقافي العريق، وما الذي يميزه ويجعل استمراريته ممكنة رغم التحديات.
لماذا مدينةجرش؟
اختيار مدينة جرش العريقة كموقع دائم للمهرجان لم يكن وليد الصدفة، كما يوضح سماوي:
"الدولة الأردنية أرادت أن يكون مهرجانها الأهم نابضًا بتاريخ عريق، ومتشبثًا بجغرافيا تحمل روح الحضارة.
وجرش، بما تحمله من إرث ثقافي وإنساني، كانت الخيار الأمثل."
هوية فنية تتجدد باستمرار
ما يميز مهرجان جرش، كما يؤكد سماوي، هو أنه صُمم ليكون منصة للفنان الأردني أولًا، وللتفاعل مع العالم ثانيًا.
"في كل دورة نفتح مساحات أوسع للتعبير، نُكرس التشاركية، ونحرص على تنوع الفنون بما يعكس نبض الإنسان والمكان. المهرجان مشروع حيّ لا يتوقف عن التطور، ونعمل على تجديد رؤيتنا باستمرار مع الحفاظ على الأصالة."
الاستمرارية رغم الأزمات
رغم ما شهده العالم من أزمات كبرى، أبرزها جائحة كورونا، لم يتوقف مهرجان جرش.
ويعلّق سماوي على ذلك قائلًا:
"الإيمان العميق برسالة المهرجان وبالفنان الأردني هو ما أبقاه حيًا.
جرش ليس مجرد فعالية سنوية، بل هو مساحة إبداعية نؤمن بقدرتها على إشعال النور في أحلك الظروف."
جرش 39.. دورة نحو المستقبل
يرى أيمن سماوي أن الدورة الـ39 من المهرجان ليست مجرد رقم، بل محطة استراتيجية في مسار التحديث والتطوير:
"نرسم اليوم خارطة جديدة لمستقبل جرش، ترتكز على تمكين الفنان الأردني، واحتضان الجيل الشاب من المبدعين ليكونوا فاعلين في المشهد الثقافي."
وقد استعرض أبرز ملامح الدورة الحالية:
-
المونودراما المسرحي تحوّل إلى ركيزة أساسية بفلسفة مختلفة عن المهرجانات الرسمية، واستقطب عروضًا عربية مميزة تطلبت لجنة إضافية لاختيار الأعمال.
-
الفن التشكيلي خرج من الإطار التقليدي، وأصبح فضاءً عالميًا للحوار البصري، بمشاركة فنانين من الأردن والعالم.
-
الشعر والندوات الفكرية صارت جزءًا رئيسيًا من البرنامج، ما يضفي على المهرجان بُعدًا معرفيًا متكاملًا.
-
الحضور الدولي توسّع ليشمل أكثر من 30 دولة عربية وأجنبية، مما يعكس مكانة جرش على خارطة الفعل الثقافي العالمي.
رسالة مهرجان جرش
في ختام حديثه، لخّص سماوي رسالة المهرجان قائلاً:
"الإبداع هو أحد وجوه السيادة الثقافية، وهو مكوّن أصيل من الهوية الأردنية. ومنذ 39 عامًا، كان الفنان الأردني هو القلب النابض لهذا المشروع، والركيزة التي نبني عليها رؤيتنا، نمنحه المنصة ليبدع، ونؤمن بأنه قادر دومًا على تقديم الجمال للعالم، بشغف وثقة."
جرش39 لم يكن مجرد مهرجان، بل مرآة تعكس روح الأردن، وإرادة مبدعيه في مواجهة التحديات بالفن والحكاية والحلم.