خاطرة بقلم: الإعلامية عبير الحويطي
النسر الأبيض
هو نسر أبيض له جمال في طلعته، ذو هيبة في طَلَّته، وبهاء في مشيته.
عيناه واسعتان، شديدتا الجمال، لونهما عسليّ يأسر القلب؛ فعندما تنظر إليهما، تسبح في عالمٍ من خليط الحب والمشاعر الهادئة والقوة.
أما هي يمامة رقيقة المشاعر، ليست ضعيفة، لكن أمامه تشعر بالضعف الجميل.
ورغم نظرته القوية إليها، إلا أن عينيه الذابلتين تخفيان حبًا كبيرًا، وخوفًا عليها، وغيرةً من كل ما قد يؤذيها.
يحميها دون أن يشعر، وهو لا يعلم أنها تُدرك جيدًا أن حمايته لها هي سر قوتها ومصدر ابتسامتها.
لا تتحمل عقابه، ليس خوفًا منه، بل حبًا فيه… فقد عشقته حد الارتواء.
يمامة بيضاء تسبح في السماء، ضلّت طريقها بين السحاب، فهبطت تستريح على غصن شجرة يابسة.
رآها نسر طائر في الفضاء، فاحتواها بجناحيه اليانعين، وحلّق بها بعيدًا عن الغربان والطيور الجارحة.
أخذها بين جناحيه، وأحكم منقاره ليحميها، وظللها بريشه الجميل، وراح يسافر بها في دروب السحاب الكثيف.
بنَى لها عشًا من الورق الأخضر وفروع الأشجار، فاستراحت فيه من عناء المشقة والسفر الطويل.
نسيت كل ما قاسته، وشعرت في ظله بالأمان.
جعلها ملكة متوجة بين الطيور، وأحاطها بعنايته، فكان لها عرشًا من الأمان لا يُضاهى.
رأت فيه طوق نجاة، من موتٍ كان يقترب منها، فعشقت جناحيه، ووجدت فيه كل جميل بعينيها.
كيف لا؟ وهو ملاذها في وجه صعوبات الحياة.
أصبحت لا ترى، ولا تطير، ولا تسبح في الفضاء إلا بوجوده معها.
عيناه العسليتان تحرسانها دائمًا، حتى وإن غاب، فظلّه يرفرف فوقها، يحميها من بعيد قبل القريب.
لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها، فقد أصبحت قوية بحبه، برعايته، باهتمامه...
فهو أصبح محور الكون في حياتها.
أصبحت تسبح بثقة وهدوء في الفضاء الواسع، وهي تعلم أن لا طائر يجرؤ على أذيتها ما دام "النسر الأبيض" يحرسها.
فمن ذا الذي يتحدى نظرة النسر الثاقبة القوية؟
نظرةٌ ترتعد لها الفرائس والغربان!
وجدت نفسها غارقة في حب طيفه، وكلما اقترب منها، زاد عشقها وهيامها به.
تتمنى دوماً وجوده بجانبها، تعشق عبير مروره، حتى إن مرَّ خلفها أو إلى جانبها.
تتمنى أن تظل بقربه، أن تسبح في دمه، بين خلجاته، في عمق روحه الجميلة...
وأصبحت لا تقوى على الحياة من دونه.
✍️عبير الحويطي